عوض عبيدة في ذكري رحيله
اليوم تمر الذكري الثانية لوفاة احد عمالقة الفن العالمي و الليبي . عرف بآنه مؤرخ الحياة الشعبية الليبية .. رجل وقور انيق الملبس . ذواق التعامل ولبق الكلام . ذو نظرة حادة عفوية و نبرة صوت هادئة. عادت بي الذاكرة عندما التقيته للمرة الاول منذه عشر سنوات مضت .. كنت في زيارة لمدينة بنغازي و علمت اننا تلقينا دعوة من فنان يدعي “ عوض عبيدة “ لحضور معرض لصوره في احدي ضواحي المدينة .. كان الحضور قليل و اغلبية الحاضرين من “ عرب مدينة بنغازي” و كعادته وجدته واقفا عند الباب يرحب بالضيوف و يلقي السلام. تجولت في المعرض.. ثم ضلت اتآمل قسمات وجهه التي مره عليها قرابة قرن من الزمان .. كان يتحدث عن احدي لوحاته للزوار .. لم انتبه للوحة بقدر ما شدني كيفية حديثه و حركات يده و كلماته . كآن شريط تاريخي عاد للحركة من جديد .. رجل احب الترحال والوحدة والفن و بنغازي . بنغازي والفن لديه قصيدتين جملتين .. يقول في احدي حواراته “ بدآت امارس فن الرسم في بلادي ليبيا ، منذ العاشرة من عمري. وبعد ذلك سافرت الي ايطاليا لدراسة الاشياء الضرورية للممارسة هواية الفن مثل الرسم الهندسي، والاناتوميا، و المنظور و التشريح. بعد ذلك اقمت معارض كثيرة كان اولها سنة 1946 ايام حكم الادارة العسكرية لبلادنا بعد الحرب مباشرة” كان هذا المعرض اول معارض الراحل في شارع فيا دي روما او عمر المختار . بجوار مكتبة الحاج عوض لنقي. وثم يقول “ ثم اقمت معارض شخصية في ليبيا. وقمت برحلات كثيرة حول العالم، زرت خلالها اهم المعارض للاطلاع علي اعمال الفنانين العالمين وانا احب التجوال كثيرا. ومشواري مع الرسم يمتد الي خمسين عاما” ثم ينهي كلامه “ احب فن الرسم كهواية ، ولم استغله للمتاجرة فيه، فانا من طبعي لا احب ان ابيع اعمالي لانني اعتبر كل لوحاتي اولادي”
ولد الراحل في مدينة بنغازي في اكتوبر 1923 عاش طفولته في احضان شارع قصر حمد منزل العائلة. المنزل الذي ضل فيه حتي وفاته.. كان عوض يشاهد الحياة البغازية الجميلة و قسوة الاحتلال ايضا.. كان يخزن هذه المشاعر والاحاسيس والصور ليترجمها الينا بعد نصف قرن من زمان .. في عام 1938 تحصل علي الثانوية وانتقل بعدها الي روما لدراسة الفن .. ثم يعود الي ارض الوطن ليقيم أول معارضه ببنغازي عام 1946. زار معظم بلاد العالم وأقام بها معارضا خاصة.. ضل يتجول بلدان العالم ويشاهد ويراقب .. ولكن ريشته ظلت بنغازية ولم تخضع! . في احدي ايام عام 1978 يطلب منه الزعيم ان يرسمه .. فما كان له الا ان يحزم حقيبته و يعلن الرحيل من جديد الي المهجر . لندن كانت الوجهة .. ليفتتح مرسما خاصا به .. لم يفقد الحنين الي وطنه . رسم اثنتين وعشرين لوحة تؤرخ مرحلة الجهاد الليبي .. لوحات في غاية الروعة والجمال و دقة و الف حكاية. اقام هناك اربعة عشر معرضا متتاليا. بعد عقد من مرارة الغربة عاد الي ارض الوطن ليفتتح معرضه الدائم بمجمع نادي الفروسية في مدينة بنغازي .. ملتقي الرواد و الفن. كان هذا المعرض لا يعتبر معرضا للصور فحسب بل كان يقدم من خلاله تجربته الفنية و ابداعاته ، بل هو أقرب للمتحف منه للمعرض، ترجمت لوحات الفنان “عوض عبيده” مظاهر الحياة في مدينة بنغازي في فترات مبكرة من القرن الماضي، حيث قدم من خلالها المظاهر الاجتماعية والسلوكية و الاحتفالات والمناسبات الدينية، كذلك اهتمت ريشته بالحرف والمهن التقليدية والصناعات الصغيرة المحلية، تابع و وثق الأطفال في ألعابهم، ورصد الكثير من وجوه المدينة المميزة، التي تحمل طابع البلاد في “بورتريهات” تمثل جزأ من أحد المعارض. عوض عبيدة الشخصية البنغازية .. التي احبها الجميع .. و المدينة التي احبها واحبته. رحل وترك لنا مخزونا تاريخيا رائعا للاجيال القادمة. حتما ستعود بنغازي من جديد مدينة الفن والثقافة و الادب. بنغازي التي نجبت مثل عوض عبيده و غيره من الرواد يجب ان تعود بعد ان سرقها اعداء الحياة. توفي الفنان صباح يوم الجمعة 8 فبراير 2013 و دفن في مدينة بنغازي. مدينة الحياة.
بعض لوحاته الشهيرة
العرس اليبي ” يوم الحني “
سوق الخضرة
سوق الجريد – بنغازي
سوق الظلام – بنغازي
الخياط
ليبيا كوشت ” احدي السيدات من معالم مدنية بنغازي كانت دئما تصيح ” ليبيا كوشت” و تجوب شوارع المدينة
بائع الحلوي – رمضانيات
النجع
الحلاق – ليلة العيد
موسم الحصاد
العرس الليبي – الزفة
الجابية
بائع السفنز – رمضانيات
بوسعدية – العاب الاطفال
السوق
الكاتب و المحرر
الخلوة – الكتاب
كراكوز بزاما – العاب الاطفال
العرس الليبي – الزفة
العصيدة – اكلات ليبية
الكوشة – الكعك
ميز الخيل
الزنقة – كارو الميه
العيد – العاب الاطفال
الزنقة
النرو – حياكة السجاد
الزنقة – العاب الاطفال
الغزل
اللوحة التي نالت جائزة في احد المعارض في روما – رسمت عام 1943
رحم الله الفنان الرائع عوض عبيدة رحمة واسعه