حكاية العم كلومبوس

 

اليوم امريكا تحتفل بذكري اكتشافها .. عطلة رسمية للدوائر الحكومية و الجامعات.. يقال ان كريستوفر كولومبوس هو المكتشف و لكن لا يوجد ما يثبت ذلك. .. يقول ابن عطاء الله: (ما قادك شيء مثل الوهم). ومن شر الأوهام التي تضلل العقول هي اوهام الحكايات و البطولات و احيانا اوهام النخب مثل ما لدينا في ليبيا.

علي كل حال.. من هذه الحكايات هي حكاية كلمبوس لاكتشاف امريكا… و الحقيقة تقول ان المسلمون الأفارقة والأندلسيون وصلوا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية وجزر الكاريبي قبل كولومبوس بــ500 عام، وعاشوا فيها، وتاجروا، ونشروا الإسلام.. الذي دان به كثير من سكان هذه المنطقة من الهنود الحمر.. إن لم يكن أكثرهم …. فهذه الحقيقة المرة لدي البعض ..
اما حكاية التضليل الإعلامي و القنوات تقول: في عام 1492، وبعد أن انتصر فرديناند وإيزابلا على آخر معاقل المسلمين في غرناطة، جاءهم رحالة يدعى كريستوفو كولومبو، درس الملاحة في غرناطة.. وأقنعهم برحلة يسبح فيها إلى أرض وراء بحر الظلمات. أبحر هذا الفتى باسم التاج الأسباني، ووجد أقواما يعيشون في أرض ما، ويملكون ذهبا كثيرا، فرأى السيد الأوروبي أنه أحق منهم بالأرض وبالذهب.. ثم قيل في التاريخ أن كولومبو (أو كولومبوس فيما بعد) “اكتشف” أمريكا.

ثم دارت الأيام، تخلصت أوروبا من نفاياتها البشرية من المجرمين الذين كانت تمتلأ بهم سجونها. حكى الكاتب والشاعر العظيم فيكتور هيوجو عن ذلك الحلم الأمريكي الذي كان يداعب مجرمي أوروبا في رائعته (البؤساء). سالت دماء كثيرة، وسالت أودية من الذهب بقدرها، واحتمل السيل زَبَدا رابيا.

هذه ليست بداية القصة.. بل هذه نهايتها.ولأنه (ما قادك شيء مثل الوهم).. فاسمع البداية:

– أمريكا لم يكتشفها كولومبوس ولا غيره. عاش فيها أقوام سموا فيما بعد بالــ(هنود الحمر) قبل أن يطأها كولومبوس بــ 12 ألف سنة. فالكلام عن “اكتشاف” أمريكا إساءة أدب. فمن تأخر اثني عشر ألف عام لا يسمي مكتشفا

– المؤرخ المسلم أبو الحسن المسعودي حكى أن رجلا يسمي الخشخاش بن سعيد بن الأسود أبحر سنة 889 للميلاد (قبل كولومبوس بنحو 600 عام) إلى أمريكا وأقام علاقات تجارية مع ساكنيها.

– في القرن العاشر كذلك، قطع الشيخ البربري ياسين الجزولي المحيط الأطلسي وذهب إلى المناطق شمال البرازيل مع جماعات من أتباعه، ونشر فيها الإسلام.

– في عام 999 (قبل كولومبوس بــ500 سنة) قام الرحالة ابن فروخ بزيارة أمريكا.

– في عام 1100 حصل شيء عجيب حكى عنه المؤرخ المغربي الإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق)، وذلك أن ناسا من مسلمي لشبونة بالبرتغال أبحروا إلى أحد أراضي أمريكا الشمالية والكاريبي، فسجنهم أهل الجزيرة لبضعة أيام. ثم حدثت مفاجأة لم يتوقعها أحد. جاء أحد السكان الذين كانوا يحسنون اللغة العربية تماما، ويبدو أنه كان عربيا يعيش بينهم منذ ذلك الوقت (قبل كولومبوس بــ400 عام). ماذا كان يفعل هذا العربي؟ تراه كان تاجرا أحب الإقامة بينهم؟ هل كان داعية يدعوهم إلى الإسلام؟ هل كان وحده أم معه غيره؟

– ذكر المؤرخ شهاب الدين العمري في كتابه (مسالك الأبصار وممالك الأمصار) أنه في عام 1300 أبحرت 200 سفينة من إمبراطور مالي المسلم (مانسا موسى) إلى المحيط الأطلنطي.. ولم تعد. وحينما وصل الأسبان بعد كولومبوس إلى البرازيل أخبروا أنهم وجدوا الكثير من الأفارقة. كان هؤلاء مسلمين من مالي. وقد وجدت فيما بعد كتابات في بيرو والبرازيل بالعربية وبلغة المانديك لغة مسلمي مالي.

– كتب المؤرخ الأمريكي ليو واينر في كتابه (أفريقيا واكتشاف أمريكا) أن كولومبوس صادف قبائل مسلمة من الأفارقة والهنود الحمر منتشرة من الكاريبي جنوبا إلى كندا شمالا، ونساء يرتدون الحجاب العربي، كانوا يتاجرون ويتزوجون.

و الكثير من الرحالة و المؤرخين لازال في جعبتهم الكثير و لكن الرجل الأبيض و العم سام ارادو غير ذلك.