حكاية العم كلومبوس

 

اليوم امريكا تحتفل بذكري اكتشافها .. عطلة رسمية للدوائر الحكومية و الجامعات.. يقال ان كريستوفر كولومبوس هو المكتشف و لكن لا يوجد ما يثبت ذلك. .. يقول ابن عطاء الله: (ما قادك شيء مثل الوهم). ومن شر الأوهام التي تضلل العقول هي اوهام الحكايات و البطولات و احيانا اوهام النخب مثل ما لدينا في ليبيا.

علي كل حال.. من هذه الحكايات هي حكاية كلمبوس لاكتشاف امريكا… و الحقيقة تقول ان المسلمون الأفارقة والأندلسيون وصلوا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية وجزر الكاريبي قبل كولومبوس بــ500 عام، وعاشوا فيها، وتاجروا، ونشروا الإسلام.. الذي دان به كثير من سكان هذه المنطقة من الهنود الحمر.. إن لم يكن أكثرهم …. فهذه الحقيقة المرة لدي البعض ..
اما حكاية التضليل الإعلامي و القنوات تقول: في عام 1492، وبعد أن انتصر فرديناند وإيزابلا على آخر معاقل المسلمين في غرناطة، جاءهم رحالة يدعى كريستوفو كولومبو، درس الملاحة في غرناطة.. وأقنعهم برحلة يسبح فيها إلى أرض وراء بحر الظلمات. أبحر هذا الفتى باسم التاج الأسباني، ووجد أقواما يعيشون في أرض ما، ويملكون ذهبا كثيرا، فرأى السيد الأوروبي أنه أحق منهم بالأرض وبالذهب.. ثم قيل في التاريخ أن كولومبو (أو كولومبوس فيما بعد) “اكتشف” أمريكا.

ثم دارت الأيام، تخلصت أوروبا من نفاياتها البشرية من المجرمين الذين كانت تمتلأ بهم سجونها. حكى الكاتب والشاعر العظيم فيكتور هيوجو عن ذلك الحلم الأمريكي الذي كان يداعب مجرمي أوروبا في رائعته (البؤساء). سالت دماء كثيرة، وسالت أودية من الذهب بقدرها، واحتمل السيل زَبَدا رابيا.

هذه ليست بداية القصة.. بل هذه نهايتها.ولأنه (ما قادك شيء مثل الوهم).. فاسمع البداية:

– أمريكا لم يكتشفها كولومبوس ولا غيره. عاش فيها أقوام سموا فيما بعد بالــ(هنود الحمر) قبل أن يطأها كولومبوس بــ 12 ألف سنة. فالكلام عن “اكتشاف” أمريكا إساءة أدب. فمن تأخر اثني عشر ألف عام لا يسمي مكتشفا

– المؤرخ المسلم أبو الحسن المسعودي حكى أن رجلا يسمي الخشخاش بن سعيد بن الأسود أبحر سنة 889 للميلاد (قبل كولومبوس بنحو 600 عام) إلى أمريكا وأقام علاقات تجارية مع ساكنيها.

– في القرن العاشر كذلك، قطع الشيخ البربري ياسين الجزولي المحيط الأطلسي وذهب إلى المناطق شمال البرازيل مع جماعات من أتباعه، ونشر فيها الإسلام.

– في عام 999 (قبل كولومبوس بــ500 سنة) قام الرحالة ابن فروخ بزيارة أمريكا.

– في عام 1100 حصل شيء عجيب حكى عنه المؤرخ المغربي الإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق)، وذلك أن ناسا من مسلمي لشبونة بالبرتغال أبحروا إلى أحد أراضي أمريكا الشمالية والكاريبي، فسجنهم أهل الجزيرة لبضعة أيام. ثم حدثت مفاجأة لم يتوقعها أحد. جاء أحد السكان الذين كانوا يحسنون اللغة العربية تماما، ويبدو أنه كان عربيا يعيش بينهم منذ ذلك الوقت (قبل كولومبوس بــ400 عام). ماذا كان يفعل هذا العربي؟ تراه كان تاجرا أحب الإقامة بينهم؟ هل كان داعية يدعوهم إلى الإسلام؟ هل كان وحده أم معه غيره؟

– ذكر المؤرخ شهاب الدين العمري في كتابه (مسالك الأبصار وممالك الأمصار) أنه في عام 1300 أبحرت 200 سفينة من إمبراطور مالي المسلم (مانسا موسى) إلى المحيط الأطلنطي.. ولم تعد. وحينما وصل الأسبان بعد كولومبوس إلى البرازيل أخبروا أنهم وجدوا الكثير من الأفارقة. كان هؤلاء مسلمين من مالي. وقد وجدت فيما بعد كتابات في بيرو والبرازيل بالعربية وبلغة المانديك لغة مسلمي مالي.

– كتب المؤرخ الأمريكي ليو واينر في كتابه (أفريقيا واكتشاف أمريكا) أن كولومبوس صادف قبائل مسلمة من الأفارقة والهنود الحمر منتشرة من الكاريبي جنوبا إلى كندا شمالا، ونساء يرتدون الحجاب العربي، كانوا يتاجرون ويتزوجون.

و الكثير من الرحالة و المؤرخين لازال في جعبتهم الكثير و لكن الرجل الأبيض و العم سام ارادو غير ذلك.

تسعون عاما علي مولد مالكوم اكس

تسعون عاما علي مولد مالكوم اكس
احرزت المكتبات الامريكية خلال شهر مايو عدد جديد من مبيعات كتاب “ مذكرات مالكوم اكس” الذي يعد من احدي الكتب المهمة في المكتبة الامريكية. ساهم في تحريره الصحفي الشهير ” آليكس هالي” عام 1965 عقب جريمة الاغتيال. وصفه المؤرخ الامريكي جون وارد بان هذا الكتاب هو مثال للسيرة الذاتية الامريكية الكلاسيكية.
مالكوم اكس الداعية الاسلامي و المدافع عن حقوق المواطن الامريكي ذو الاصول الافريقية.
ولد عام 1925 في ظل اسرة فقيرة بسيطة، لم يحتضي بتعليم جيد و حياة اسرية غير مستقرة ، والده كان راهبا يدعي “ايرل ليتل” مقيم في احداي الاراضي الامريكية. كان والده دائما يتحدث عن ان لامكان لهم في هذه الارض و ان عليهم العودة الي ارضهم افريقيا.
توفي والده في جريمة قتل بشعة سجلت ضد مجهول و هو في الخامس من عمره. و وضعت امه في مستشفي الامراض عقلية . عاش ماكلوم طفولته في سلسلة من الاحداث و المصائب و صعاب الحياة. حياة فقيرة تعيسة، متسول في الشوارع، الي ان سجن عام 1949 بتهمة السرقة.
بعد سنوات من خروجه من السجن انظم مالكوم الي حركة “ امة الاسلام” التي كان يتزعمها “ اليجاه محمد” ، عام 1952 . كان مالكوم ضمن الشخصيات البارزة في الحركة . كان يتتمتع باسلوب خطابي و حنكة وقدرة علي اقناع الاخر. تسلسل ضمن عدة وضائف حتي اصبح احدي الشخصيات البارزة في الحركة. حتي عام 1964 انفصل عن الحركة بسبب خلاف فكري مع زعيمها في وجهة نظره الي الدين و الخطاب الديني.
استمر في عمله كاداعي و خطابي وحث الناس علي ضرورة فهم الاسلام من اجل حل المشالكل العرفية في المجتمع الامريكي والدفاع علي حقوق الانسان. واطلق علي هذه المرحلة من حياته باسم “مالك شاباز”.
في فبراير . كالعادة دائما فبراير مليئ بالاحداث ، لقي مالكوم مصرعه في هجوم مسلح شنه ثلاث اشخاص من حركة “ امة الاسلام” اثناء القائه كلمه في احدي الصالات في العاصمة الامريكية واشطنن عام 1965. وانتهت مسيرة نظالية وقصة نظال وكفاح من اجل الحرية واعلاء كلمة الحق و تحرير الاسلام من الاسر. لازال مالكوم الرمز للحرية و التحرر و للسلام في امريكا. يذكره و يتذكره الجميع احبائه و اعدائه. عندي شرائي للكتاب، قالي لي البائع “ رغم اختلافي معه الا اني احترمه”.

11391216_10153995759495931_2897283427929276540_n

11224857_464374777063737_2813742761894048601_n

القاهرة 1964م

 

ليلة 27 رجب .. “ الاسراء و المعراج “

ليلة 27 رجب .. “ الاسراء و المعراج “
هي احد الليالي الاسلامية في التقويم الاسلامي. يتذكر فيها المسلمون سيرة الحبيب محمد صلي الله عليه.
ففي العام العاشر للبعثة، اي قبل ثلاث سنوات من الهجرة، حل عام الحزن علي الرسول صلي الله عليه وسلم فيه توفي عمه ابي طالب الذي كان يدفع عنه اذي قريش ثم تبعها رحيل ام المؤمنين خديجة بن خويلد رضي الله عنها التي كانت تسانده في دعوته. في هذه الظروف الصعبة قرر الرسول الذهاب الي الطائف لتكملة الدعوة. ذهب الي الطائف مع ثلاثة من صحابه وأقام فيها عدة أيام..لم يترك أحدا من أشرافهم إلا دعاه إلى الإسلام ، فتطاولوا عليه وطردوه .، ثم أغروا به سفهاءهم فلاحقوه وهو يخرج من الطائف يسبونه ويرمونه بالحجارة حتى دميت قدماه. حتي اخرج غصبا من الطائف، فتوقف في منطقة البستان للراحة. و في طريق العودة إلى مكة بعث الله سيدنا جبريل ومعه ملك الجبال إلي الرسول صلى الله عليه وسلم، يستأذنه في أن يطبق الجبلين – يهدمهما- على رؤوس الكافرين و أن يهلكهم جميعا. فآجابه عليه الصلاة والسلام بالرفض و دعا لهم بالهداية و ان يخرج من اصلابهم من يعبد الله ولايشرك به شيئا. هذا هو الاسلام دين السلام وليس القتل والذبح والكراهية. عاد الرسول عليه السلام من رحلته الي مكة وشاء الله تعالى أن تأتي رحلة أخرى عظيمة – بعد رحلة الطائف – تكريما للحبيب وتشريفا له ،وتطييبا لقلبه الشريف ، وتثبيتا له وللمؤمنين معه، وهى رحلة الإسراء والمعراج التي رفع الله فيها الرسول صلى الله عليه وسلم أعلى السماوات السبع، وأوحى إليه خلالها ما أوحى ، وأراه من آيات ربه الكبرى. و فيها اعطي الله سبحانه وتعالي هدية الاسلام وهي الصلوات الخمس.
وهكذا تأتى “المنحة” بعد” المحنة” ، ويأتي العطاء بعد الابتلاء .
“سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” صدق الله العظيم

ونسآل الله الفرج للجميع.

شخصيات كشفية – سدينة القرش

أحلام وضوء المنارة

1471121_10200541194247085_1400452476_n

شخصيات كشفية تركوا بصمة فى كل الأماكن التى مروا بها مؤسسين وضعوا لبنات ونحن على خطاهم سرنا ، وعاملين قادوا فرق كشفية اثروا فى أجيال بالكلمة الطيبة والأخلاق الرفيعة والعمل المثمر ، منتسبى الكشافة والمرشدات لايتركون الا الأثر الطيب سنتابع من خلال مدونة أحلام وضوء المنارة شخصيات كشفية فعالة.

عندما تذكر مفوضية مرشدات بنغازى فأنك تقف باحترام فهناك مفوضة تقود ادرتها بحنكة وعقل واحتواء لامحدود لجميع منتسيبى الكشافة والمرشدات فى ربوع ليبيا.

شخصية قوية مثقفة قيادية من الطراز الأول لاتخشى فى مواجهة السلبيات لومه لائم قدمت الكثير للحركة الكشفية وتركت بصمة لاتنسى بعد رحيلها المفجع لكل من عرفها عن قرب .

ssss

سدينة القرش قائدة تدريب متزوجة ولم ترزق بأطفال تدرجت عبر سنوات كشفية متتابعة اهدت لحلقة المرشدات اروع وأفضل القائدات ، تحمل ليسانس آداب قسم لغة فرنسية ودبلوم لغة انجليزية تولت عديد المهام من قائدة للمرشدات الى امينة للشؤون الادارية بالمنطقة الى مفوضة للتدريب وعضو لجنة التدريب بالأمانة العامة ،…

View original post 66 more words

شخصيات كشفية – نجاة طرخان

أحلام وضوء المنارة

najat

شخصيات كشفية تركوا بصمة فى كل الأماكن التى مروا بها مؤسسين وضعوا لبنات ونحن على خطاهم سرنا ، وعاملين قادوا فرق كشفية اثروا فى أجيال بالكلمة الطيبة والأخلاق الرفيعة والعمل المثمر ، منتسبى الكشافة والمرشدات لايتركون الا الأثر الطيب سنتابع من خلال مدونة أحلام وضوء المنارة شخصيات كشفية فعالة.
قائدة متميزة من مؤسسين حركة المرشدات ورائدتها ساهمت بدور فعال فى وضع نواة مستقلة للمرشدات فى ليبيا .
القائدة نجاة جملى طرخان مواليد 17 سبتمبر 1942 متزوجة من قائد الكشافة اكيلا محمد جحا الهونى ولديها اربع ابناء ابنتان وولدن ويملا بيتها احفاد رائعون .
تحصلت على دبلوم المعلمات ودبلوم الخدمة الاجتماعية وعملت فى وزارة التعليم رائدة من رائدات التعليم فى بنغازى واستمرت حتى تقاعدت فى العام 1991 ، طالبت مع الوفد الليبى فى الاسكندرية اثناء انعقاد المخيم العربى السادس باستقلالية المرشدات عن الكشافين وتمت الموافقة .

158 (640x480)

10979357_904190079625244_134297780_n

وفى عام 1966 اقيم اول مخيم ومؤتمر عربى للمرشدات فى طرابلس كان تحت قيادتها واستمرت…

View original post 140 more words

الفنان عوض عبيدة – في ذكراه

عوض عبيدة في ذكري رحيله
اليوم تمر الذكري الثانية لوفاة احد عمالقة الفن العالمي و الليبي . عرف بآنه مؤرخ الحياة الشعبية الليبية .. رجل وقور انيق الملبس . ذواق التعامل ولبق الكلام . ذو نظرة حادة عفوية و نبرة صوت هادئة. عادت بي الذاكرة عندما التقيته للمرة الاول منذه عشر سنوات مضت .. كنت في زيارة لمدينة بنغازي و علمت اننا تلقينا دعوة من فنان يدعي “ عوض عبيدة “ لحضور معرض لصوره في احدي ضواحي المدينة   .. كان الحضور قليل و اغلبية الحاضرين من “ عرب مدينة بنغازي”   و كعادته وجدته واقفا عند الباب يرحب بالضيوف و يلقي السلام. تجولت في المعرض.. ثم ضلت اتآمل قسمات وجهه التي مره عليها قرابة قرن من الزمان .. كان يتحدث عن احدي لوحاته للزوار .. لم انتبه للوحة بقدر ما شدني كيفية حديثه و حركات يده و كلماته . كآن شريط تاريخي عاد للحركة من جديد .. رجل احب الترحال والوحدة والفن و بنغازي . بنغازي والفن لديه قصيدتين جملتين .. يقول في احدي حواراته “ بدآت امارس فن الرسم في بلادي ليبيا ، منذ العاشرة من عمري. وبعد ذلك سافرت الي ايطاليا لدراسة الاشياء الضرورية للممارسة هواية الفن مثل الرسم الهندسي، والاناتوميا، و المنظور و التشريح. بعد ذلك اقمت معارض كثيرة كان اولها سنة  1946 ايام حكم الادارة العسكرية لبلادنا بعد الحرب مباشرة” كان هذا المعرض اول معارض الراحل في شارع فيا دي روما او عمر المختار . بجوار مكتبة الحاج عوض لنقي. وثم يقول “ ثم اقمت معارض شخصية في ليبيا. وقمت برحلات كثيرة حول العالم، زرت خلالها اهم المعارض للاطلاع علي اعمال الفنانين العالمين وانا احب التجوال كثيرا. ومشواري مع الرسم يمتد الي خمسين عاما”  ثم ينهي كلامه “ احب فن الرسم كهواية ، ولم استغله للمتاجرة فيه، فانا من طبعي لا احب ان ابيع اعمالي لانني اعتبر كل لوحاتي اولادي”       
ولد الراحل في مدينة بنغازي في اكتوبر 1923  عاش طفولته في احضان شارع قصر حمد منزل العائلة. المنزل الذي ضل فيه حتي وفاته..  كان عوض يشاهد الحياة البغازية الجميلة و قسوة الاحتلال ايضا..  كان يخزن هذه المشاعر والاحاسيس والصور ليترجمها الينا بعد نصف قرن من زمان .. في عام 1938 تحصل علي الثانوية وانتقل بعدها الي روما لدراسة الفن .. ثم يعود الي ارض الوطن ليقيم أول معارضه ببنغازي عام 1946. زار معظم بلاد العالم وأقام بها معارضا خاصة.. ضل يتجول بلدان العالم ويشاهد ويراقب .. ولكن ريشته ظلت بنغازية ولم تخضع! . في احدي ايام عام 1978 يطلب منه الزعيم ان يرسمه .. فما كان له الا ان يحزم حقيبته و يعلن الرحيل من جديد الي المهجر .  لندن كانت الوجهة .. ليفتتح مرسما خاصا به .. لم يفقد الحنين الي وطنه . رسم اثنتين وعشرين لوحة تؤرخ مرحلة الجهاد الليبي .. لوحات في غاية الروعة والجمال و دقة و الف حكاية. اقام هناك اربعة عشر معرضا متتاليا. بعد عقد من مرارة الغربة عاد الي ارض الوطن ليفتتح معرضه الدائم بمجمع نادي الفروسية في مدينة بنغازي .. ملتقي الرواد و الفن. كان هذا المعرض لا يعتبر معرضا للصور فحسب بل كان يقدم من خلاله تجربته الفنية و ابداعاته ، بل هو أقرب للمتحف منه للمعرض، ترجمت لوحات الفنان “عوض عبيده” مظاهر الحياة في مدينة بنغازي في فترات مبكرة من القرن الماضي، حيث قدم من خلالها المظاهر الاجتماعية والسلوكية و الاحتفالات والمناسبات الدينية، كذلك اهتمت ريشته بالحرف والمهن التقليدية والصناعات الصغيرة المحلية، تابع و وثق الأطفال في ألعابهم، ورصد الكثير من وجوه المدينة المميزة، التي تحمل طابع البلاد في “بورتريهات” تمثل جزأ من أحد المعارض.  عوض عبيدة الشخصية البنغازية .. التي احبها الجميع .. و المدينة التي احبها واحبته. رحل وترك لنا مخزونا تاريخيا رائعا للاجيال القادمة. حتما ستعود بنغازي من جديد مدينة الفن والثقافة و الادب. بنغازي التي نجبت مثل عوض عبيده و غيره من الرواد يجب ان تعود  بعد ان سرقها اعداء الحياة. توفي الفنان صباح يوم الجمعة 8 فبراير 2013 و دفن في مدينة بنغازي. مدينة الحياة.

بعض لوحاته الشهيرة

Picture 051

العرس اليبي ” يوم الحني “

Picture 052

سوق الخضرة

Picture 053

سوق الجريد – بنغازي

Picture 054

سوق الظلام – بنغازي

Picture 055

الخياط

Picture 056

ليبيا كوشت ” احدي السيدات من معالم مدنية بنغازي كانت دئما تصيح  ” ليبيا كوشت” و تجوب شوارع المدينة

Picture 057

بائع الحلوي – رمضانيات

Picture 058

النجع

Picture 059

الحلاق – ليلة العيد

Picture 060

موسم الحصاد

Picture 061

العرس الليبي – الزفة

Picture 062

الجابية

Picture 063

بائع السفنز – رمضانيات

Picture 064

بوسعدية – العاب الاطفال

Picture 065

السوق

Picture 066

الكاتب و المحرر

Picture 067

الخلوة – الكتاب

Picture 068

كراكوز بزاما – العاب الاطفال

Picture 069

العرس الليبي – الزفة

Picture 070

العصيدة – اكلات ليبية

Picture 071

الكوشة – الكعك

Picture 072

ميز الخيل

Picture 073

الزنقة – كارو الميه

Picture 074

العيد – العاب الاطفال

Picture 075

الزنقة

526144_460833860613809_229876337_n

النرو – حياكة السجاد

533103_457414007622461_366209026_n

الزنقة – العاب الاطفال

Screen Shot 2015-02-07 at 11.48.56 PM

الغزل

300459_460833747280487_1857150114_n

اللوحة التي نالت جائزة في احد المعارض في روما – رسمت عام 1943

Picture 076

 رحم الله الفنان الرائع عوض عبيدة رحمة واسعه

كشاف مرة .. كشاف للابد

 ارتبط الاول من فبراير في ليبيا بذكري جميلة و رائعة تحمل و تحتضن كل المعاني الوفاء والعطاء والوطنية .. بعيدة عن كل التعصبات والاختلافات .. فقط ليبيا الوطن …. في الاول من فبراير تآسست الحركة الكشفية الليبية ( كشاف ليبيا ) الذي جمع الشباب حول بؤرة امل و عمل مخلص علي الدوام للوطن فقط..  فغدا تمر الذكري الواحد و الستون  لتاسيس الحركة الكشفية  (1. 2. 1954.) ففى مثل هذا اليوم كون الاستاذ على خليفة الزائدى رحمه الله اول فرقة كشفية ضمت 37 كشافا فى مدرسة طرابلس الثانوية بعد عوته من بيروت … ثم انتقلت الي برقة لتبدآ علي يد مؤسسها منصور محمد الكيخيا وعبدالقادر غوقة وعبدالحميد عمران وخليفة الباح ومنصور بن عامر وعبدالقادر الاطرش وسليمان الضراط وابراهيم البقرماوى وابراهيم جعفر ومحمد عبدالله المحجوب .. وغيرهم . و في فزان .. محمد الحضيرى وسالم حسين وحسن الشغيوى وبلقاسم بوخريص ومحمد ابراهيم الوافى. .فى عام 1958 تشكلت اول هيئة قيادة لكشاف ليبيا برئاسة الزائدى وتم الاعتراف دوليا بكشاف ليبيا عام 1959 فى المؤتمر الكشفى العالمى فى الهند . ثم بعدها  عام 1958  تآسست حركة المرشدات وصدر عام 1961 المرسوم الملكى بقانون الحركة الكشفية وحمايتها واسهمت الحركة فى الانشطة التطوعية الخيرية وتنامى عدد الفرق واصبح لكشاف ليبيا سمعة دولية وعربية رائعة وجسد عنوان الوحدة الوطنية بين الشباب الليبى وقدم للوطن اجيالا متواصلة اعطت دون مقابل فى كافة المجالات . بعد فبراير ضل الكشفي دائما علي عمله الدوء المخلص قدم الكثير ولازال يقدم دوم ملل او كلل او انقطاع. قدمت الفرقة الكشفية ايضا شهداء في سبيل الوطن سواء كان بالكلمة او بالنفس.

الاصدار الاول لطابع بريد صدر في ذكري العاشرة لتآسيس الحركة الكشفية

200630_10152121607015931_225213498_n

الاصدار الاول في يوم افتتاح المخيم الكشفي في غابة جو دايم – افتتحه ولي العهد.

1478987_10201122515640786_305904636_n

ولي العهد الامير حسن الرضا في افتتاح المخيم الكشفي في غابة جو دايم 1964

1077870_184355181739956_1730009320_o

1495182_542271002529026_827765199_o

احد صور اغلفة مجلة جيل ورسالة – الملك ادريس يعانق احدي الزهرات واحد الكشفين.

10177881_820575251328167_7691396446431872497_nالكشفي ” القائد” الشهيد توفيق فرج بن سعود . احد شباب بنغازي المتميزين التحق الفرقة الكشفية في بداية الالفية عرف عنه بحسن الخلق والعطاء والابداع و حب الوطن.

استشهد في سمبتمبر 2014 في مدينة بنغازي التي احبها اثر رصاصات غادرة و احتضن ترابها ثراه الطيب.

555663_452079208147475_2065556147_n

صورة  اخري للشهيد توفيق بن سعود . احد المخيمات الكشفية – بنغازي – 2002

540178_270601596377821_1121117283_nالشهيد ” القائد الكشفي” مهند اسامة بن صادق – استشهد في العقيلة – مارس 2011 

545898_462815760407153_166972120_n

مبروك عيدك يا كشاف ليبيا

الي آين

 الي اين
كالعادة و كما اعتدنا من الشعوب العربية بعد انتفضوا وثاروا علي ماقامت به الصحيفة الفرنسية من رسومات مسيئة لرسولنا الكريم محمد صلي الله و عليه وسلم و ما تبعها من هجوم دموي من بعض الذين لا يمثلون الاسلام من باب انتقام للرسول عليه السلام .. و ثم الهجوم الاعلامي علي المسلمين .. و ضجة اعلامية ومظاهرات و مقالات و حوارات ولقاءات ثم كل شيء توقف.
الان هدآت العواطف . وتلاشت المقالات بين مؤيد و معارض و محرم و محلل .. و كل شيء ذهب مع الرياح .. اين الحكم مما حدث؟  او الا يوجد حكيم؟
في البداية اود ان اقول لا للتعميم من الطرفين فالاية من القران صريحة و واضحة:
( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۗ إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا    الصَّلَاةَ ۚ وَمَنْ تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) صدق الله العظيم . ( فاطر :١٨)

فنحن المسلمين نمتاز بسرعة  الغضب بسبب فعل عدد صغير من الافراد الذين لا يمثلون الا نفسهم و قاموا بالاساءة.. هم من اسائوا وليس دولتهم او شعبهم. وفي هذا المنعرج ايضا نحن لم نتقبل منهم عندما عمم احدهم وصف هذه الحادثة ارهابية و ان الدين الاسلامي يدعو الي الارهاب والقتل والعنف! فلماذا نغضب ؟.. ليس اولها احداث سبتمبر عندما اعترض المسلمين ان هذا العمل هو عمل الفردي ولا يمثل الاسلام.  و نتذكر الاية الاخري بعد بسم الله الرحمن الرحمين
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (المائدة: ٨).

الم تكن هناك لحظة تدبر وتفكر..  ونسآل انفسنا كيف سيتعامل الحبيب لو كان بيننا اليوم ؟ كيف سيتصرف في مثل هذه المواقف ! الا يتسال البعض؟ او كيف كان سيواجه مثل هذه المواقف ثناء رسالته وتآدية امانته ؟ .. اقول لكم حكايتين من السيرة درسناهم جيدا و حفظناهم منذ صغرنا .. و تعلمنا دائما ان نآخذ الحكمة والعبرة للمستقبل.
عبدالله بن ابي بن سلول رآس المنافقين .. و هو عائد مع المسلمين في احدي الغزوات  الي مدينة كان يحكي اصحابه  ويصف الرسول عليه سلام وقال : “ سم من كلب ياكلك. والله لو ان عدنا الي المدينة ليخرجن منها الاعز الاذل “ بهذه الكلمات كان يصف بها الرسول علي الصلاة و السلام .. هذه العبارة هي اسواء بكثير بالالف المرات من الكاريكاتير المسيئ.
كيف تعامل الرسول الكريم؟
فقال عمر بن خطاب في لحظة غاضبة..” دعني اضرب عنقه يا رسول الله” .. فآجبه المصطفي بكل حكمة و وقار وكآنه يخلد هذه الدروس لامته من بعده . ليوم مثل هذا . فقال لعمر:”  لا بل نترفق به ونحسن اليه طالما معنا اخشي ان يقول الناس ان محمد يقتل اصحابه ” .
حكاية اخرا من زمن النبوة
كانت قريش لا تكف اذي و سب وهجاء الرسول محمد صلي الله عليه وسلم .. كانت تسميه ” مذمم “
فلما جاء الخبر الي محمد صلي الله عليه وسلم . فقال قولته المشهورة ” فانظرو كيف يهجونني .. و صرف الله كلامهم عني .. هم يهجنوني بالمذمم وانا محمد “
المصطفي عليه السلام كانت لديه رؤية كبيرة  قضية كبيرة هي امة المسلمين و هدف اكبر واسمي من هذه التفاهات .. كيف تغرس الاخلاق و المعاملات مع الاخرين .. كيف ان تكون حليم في لحظة غضب .  كآن هذه الدروس كانت عبرة للمسلمين من بعده .. كانت الرؤية كبيرة وعظيمة لديه وليس وقت للتفاهات بكل اختصار. اهمال التفاهات كما اوصانا. الا يجب ان نتآسي به؟ ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) ( الاحزاب :٢١)

 و حكاية اخرا .. في عام الحزن .تكالبت الأحزان على النبي صلى الله عليه وسلم وزادت عليه همومه وتضاعفت بوفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وعمه أبي طالب في عام واحد، فـخديجة كانت خير ناصر ومعين له -بعد الله تعالى-، وعمه كان يحوطه ويحميه ، ويحبه أشد الحب، وضاعف من حزنه صلى الله عليه وسلم أنه مات كافراً .

فاستغلت قريش غياب أبي طالب فازدت من إيذائها للنبي صلى الله عليه وسلم وتضيّق عليه، وكان أبو لهب من أكثر الناس كراهية للدعوة وصاحبها صلى الله عليه وسلم ، حتى إنه كان يلاحق النبي صلى الله عليه وسلم في موسم الحج ، وفي الأسواق يرميه بالحجارة ويقول : ” إنه صابئ كذاب “، ويحذر الناس من اتباعه، فضاقت مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد به الحال، حتى فكر في أن يتخذ أسلوبا آخر في دعوته بتغيير المكان، علَّه أن يجد قبولاً، فاختار الخروج للطائف، حيث كانت تمثل مركزاً مهماً لقريش. فعزم على الخروج إليها راجياً  أن تكون أحسن حالا من مكة، وأن يجد من أهلها نصرة، فخرج على أقدامه حتى لا تظن قريش أنه ينوي الخروج من مكة، وكان في صحبته زيد ابن الحارثة . و بدأ صلى الله عليه وسلم بسادات القوم الذين ينتهي إليهم الأمر، فكلمهم عن الإسلام ودعاهم إلى الله، فردوا عليه رداً قاسياً، وقالوا له: اخرج من بلادنا، ولم يكتفوا بهذا الأمر، بل أغروا به سفهاءهم وعبيدهم فتبعوه يسبونه ويصيحون به ويرمونه بالحجارة، فأصيب عليه الصلاة السلام في قدميه حتى سالت منها الدماء، وأصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن  والتعب ما جعله يسقط على وجهه الشريف ، ولم يفق إلا و جبريل قائم عنده، يخبره بأن الله بعث ملك الجبال برسالة يقول فيها: إن شئت يا محمد أن أطبق عليهم الأخشبين، فأتى الجواب منه عليه السلام بالعفو عنهم قائلاً: ( أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ) .. لم يرضي الرسول ان يؤذيهم او ينزل البلاء بهم .. بل صبر و اتقي والله ودعا الله لهم بالهداية .. لعلي منهم من يهتدي .. كان عليه السلام هدفه اسمي من كل شيء تبليغ الرسالة الاسلام بالسلام و المحبة و ليس القتل والانتقام ..
و اخيرا اقول ان الاستهزاء سيستمر الي يوم الدين لن ينتهي و لن يتوقف فهو سنة كونية .. فالعالم فيه اكثر من ستة بليون من البشر . من يستطيع ان يتحكم فيه ؟ كان الحبيب يستهزء به و هو علي قيد الحياة فمبال بعد وفاته! .. ما علينا الان نهمل هذه التفاهات و ننظر بعين واحدة نحو اخلاقنا واعمالنا و عبادتنا وان نحسن من تصارفاتنا .. فالدين معالمة و حسن خلق قبل ان يكون عبادة .. فالاسلام لم يكون يوما بالقتل او تهجير او قطع الرقاب .. الاسلام من السلام .. و ايضا ليس الركض خلف العاطفة قبل التفكير .. ولا احد ينكر اننا شعب يذهب وراء عاطفته قبل عقله .. من اجمل العبارات الجميلة التي قيلت للشيخ رشيد رضا “ الجمو نزوات العواطف بنظرات العقول . وانيرو اشعة العقول بلهيب العواطف “ اتمني ان تتغير النظرة والتفكير المسلمين بنظرة اوسع بعيدة المدي و ان يهملوا التفاهات ليعزوا الاسلام والمسلمين.  واخرا اريد ان انهي بالاية العظيم التي تكمن في حل جميع مشاكلنا في حياتنا الدنيا . قال تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ( ال عمران:٢٠٠) صدق الله العظيم. والله ماوراء القصد
 

جوزيف ويشبيرغ : رسالة من ليبيا

هذا المقال منشور على مجلة النيويوركر (The New Yorker), بتاريخ 10 نوفمبر 1951

ليبيا، مستعمرة موسليني السابقة التي كان يتباهى بها في أفريقيا، وبلدٌ يفوق تقريباً مساحة ولاية تكساس ثلاث مرات، قد يُسجل التاريخ أنه موقع أول مجهود ناجح للأمم المتحدة لإقامة دولة فيدرالية مستقلة جديدة. ولكن من ناحيةٍ أخرى، إذا لم تجرِ الأمور كما هو مُخطط، قد يكون أعظم سبب لشهرة ليبيا هو كونها أصبحت أحد أكبر الكيانات المتعثرة في الطريق الوعر للأمم المتحدة. الناس هنا، ممن يتوقعون النتيجة الثانية، يقولون بأن ليبيا على وشك أن تصبح تجسيداً آخراً لواقع أنه في العلاقات الدولية، كما في أي شيءٍ آخر، النيات الطيبة وحدها لا تكفي، ويقرون بوجود تقاربٍ غير مُطمّئن بين الوضع هنا وبين الأوضاع التي تم استعجالها في فرساي منذ بضعٌ وثلاثين سنةٍ ماضية، ومنذ فترةٍ أقرب في يالطا وبوتسدام [1].

ليبيا تتكون من ثلاثة أقاليم – برقة، طرابلس، وفزان. الصحارى الشاسعة تُشكِّل حدوداً بينها. مواطنو برقة الثلاثمئة ألف لديهم قدر محدود من الحكم الذاتي تحت قيادة أميرهم، الذي لديه مستشارٌ بريطاني [2]. طرابلس، بعدد سكان يصل إلى ثمانمئة ألف، هي إلى الآن أكثر المناطق المأهولة سكانياً في ليبيا وتتم إدارتها من قبل البريطانيين، الذين يمنحونها هي أيضاً قدراً من الحكم الذاتي. فزان، صحراءٌ كبيرة حجمها تقريباً ثلاثة أرباع حجم فرنسا ويسكنها عدد يُقدَّر بخمسين ألف شخص، هي تحت الإدارة العسكرية الفرنسية.

تاريخ ليبيا ما بعد الحرب يمنحنا مثالاً بارزاً على طبيعة الغنائم التي تؤول إلى المنتصرين في هذه الأيام. فبعد أن توقف القتال طُرح سؤال ما الذي يجب فعله بمستعمرات إيطاليا السابقة لأول مرة في مجلس وزراء خارجية الأربعة الكبار [3]. مجهودات أولئك السادة في التوصل إلى اتفاق تم تعطيلها حين طالب الاتحاد السوفييتي بالوصاية على طرابلس – من المحتمل، كما قيل حينها، أن يكون السبب هو رغبة الاتحاد السوفييتي في استخدام المنطقة كقاعدة انطلاق لعمليات بروباجاندا داخل العالم الإسلامي. وقد نشأت تعقيداتٌ أخرى، وكما يحدث كثيراً في جمودٍ ومراوحةٍ دوليٍّةٍ من هذا النوع، فقد أُرسلت أخيراً لجنة لأجل “التحقيق في الأوضاع المحلية”. اللجنة بدورها وصلت حالةً من الجمود، وبتاريخ 15 سبتمبر 1948، الشأن الليبي، بالإضافة إلى شأن مستعمرات إيطاليا السابقة الأخرى، تم رفعه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. الكونت سفورزا والراحل إرنست بيفن [4] اجتمعا بعد ذلك واقترحا إقامة فترة وصاية على ليبيا مدتها عشر سنوات، جاعلين إيطاليا مسؤولةً عن طرابلس، بريطانيا عن برقة، وفرنسا عن فزان. السوفييت، كما هو حالهم دائماً، قدَّموا مقترحاً أكثر تطرفاً: لماذا لا تنسحب كل القوات من الأقاليم المتنازع عليها وتُمنح ليبيا استقلالاً فورياً – أو كما قرأ المقترح كثيرون ممن لديهم معرفة بالمشكلة: فوضى فورية؟

بعد العديد من المقترحات والمقترحات المضادة من قبل عدد من لجان الأمم المتحدة، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في اجتماعها الخامس عشر بعد المائتين في 21 نوفمبر 1949 بإصدار قرار صرَّحت فيه بأن ليبيا يجب أن تكون “دولة مستقلة وذات سيادة… في أسرع فرصة ممكنة وقبل تاريخ 1 يناير 1952، وبأن يتم وضع دستور ليبيا، بما في ذلك تحديد نظام الحكم، من قبل ممثلين عن سكان برقة، وطرابلس، وفزان، والذين سيجتمعون ويتشاورون معاً في جمعيةٍ وطنية”. وبما يتوافق مع مادة أخرى من قرار الأمم المتحدة، تم تشكيل إدارة انتقالية، تتكون من حكومة محلية مؤقتة [5] يُشرف عليها مبعوث الأمم المتحدة – وهو أدريان بيلت من هولندا، مساعد سابق للأمين العام للأمم المتحدة – والذي “ستوجهه نصائح” مجلس الأمم المتحدة بخصوص ليبيا. وفي عضوية هذا المجلس نجد ممثلين عن مصر، فرنسا، إيطاليا، بريطانيا، باكستان، والولايات المتحدة، وأربعة أعضاء من ليبيا يمثلون، كلٌّ على حدة، برقة وطرابلس وفزان والأقليات [6]. في طرابلس، سمعتُ بعضاً من نقاد خطة الجمعية العامة للأمم المتحدة لمنح ليبيا استقلالها يُعبِّرون عن اعتقادهم بأنه، بالرغم من نُبل الخطة من حيث المبدأ، إلا أنها قد وُضعت في عجالة وبقليل من الاعتبارات للواقع لدرجة أنها من الممكن أن تكون بخطورة القنبلة الموقوتة، وهم لا يثقون في أن الأعضاء الذين صوتوا على مستقبل هذه البلاد كانت لديهم أفكار دقيقة حول المسائل المتعلقة بها. وبالرغم من ذلك، فإن ليبيا تم انتقاؤها لتقع عليها التجربة. فمن بين مستعمرتي إيطاليا السابقتين الأخريين، الصومال تم وضعها تحت وصاية إيطالية لمدى عشر سنوات، وأما قضية إيرتريا فقد تم تأجيلها [7].

يقول المشككون بأن مراعاة الواقع هي للأسف بنفس أهمية نُبل المبدأ. ليبيا لديها شعبٌ عربي يصل تعداده إلى مليون وخمسة وثمانين ألفاً (كل الأقليات مجتمعة تُشكل فقط ما تعداده خمسة وستين ألفاً)، ومن هذا الرقم، فقط ستة عشر – نعم، ستة عشر – اجتازوا مرحلة التعليم الجامعي. هؤلاء الستة عشر من المتوقع أن يرتقوا عالياً في إدارة المستقبل، وفي الواقع فإن العديد منهم حالياً أعضاء في الحكومة المؤقتة. تقريباً ربع مليون ليبي يستطيعون كتابة أسمائهم، ولكن يُعتقد أن ستين ألفاً منهم لا أكثر متعلمون بما يكفي لتجاوز هذه المرحلة. أكثر من ثلاثة أرباع مليون ليبياً، إذا قُدم لهم مستند لتوقيعه، يستخدمون بصمة إبهامهم. من بين كل الدول المتخلفة في شمال أفريقيا، فإن ليبيا هي الأكثر تخلفاً. لا يوجد أطباء ليبييون، ممرضات، مهندسون، مسَّاحون، ولا تقنيون، وبالكاد يوجد عشرون مدرساً ليبياً مؤهَّلاً. أعلى راتب يومي للعمال المهرة هو دولار واحد، ولغير المهرة خمسون سنتاً. معدل الدخل القومي بالنسبة للفرد هو خمسةً وثلاثون دولاراً في السنة. في كل ليبيا يوجد مائتان وأربعون ميلاً من السكك الحديدية – فقط ما يكفي لخط باتجاه واحد بين نيويورك وواشنطن. والبلاد لا تمتلك سوى قطاراً واحداً بمحركٍ بخاري، واثنين بمحرك ديزل، وبعض عربات الشحن اليدوية. لا توجد مرافق للاتصال بالهاتف، التلغراف، أو الراديو بين طرابلس، أكبر مدن ليبيا، وكل فزان في الجنوب الغربي. للذهاب من إحداهما إلى الأخرى تستغرق الرحلة خمسة أيام من القيادة الوعرة في سيارة جيب، إلا إن تمكن المسافر من الحصول على طائرة صغيرة بما فيه الكفاية للنزول في مهبط ترابي قصير. ومنذ فترةٍ ليست بعيدة، حين أراد أعضاء الحكومة الليبية المؤقتة المجتمعون في طرابلس السفر إلى مدينة بنغازي البرقاوية، على بعد 400 ميل إلى الشرق، اضطروا إلى استعارة طائرة C-47 من الأمم المتحدة. ليبيا لا تنتج نفطاً، ولا معادن، ولا فحماً، ولا تمتلك تقريباً أي صناعة. السنة الماضية 25 طناً من عشب إسبارتو [8]، المستخدم في صناعة الورق الفاخر، شكَّلت 10% من إجمالي صادرات البلاد. عائدات الحكومة من الضرائب لا تكفي لتغطية مصروفاتها. هنالك عملة مختلفة في كلٍّ من الأقاليم: الجنيه المصري في برقة، الفرنك الجزائري في فزان، وليرة الإدارة العسكرية – عملة يصدرها الجيش البريطاني – في طرابلس. لا أحد يعرف بالتحديد كيف سيتم تأسيس مستقبل عملة ليبيا، ولكن يبدو أن هنالك إمكانية لأن يقوم البريطانيون بدعم نسبة كبيرة منها بالجنيه الإسترليني.

نقص المرافق التعليمية في ليبيا ليس شيئاً جديداً. إلى سنة 1912 كانت البلاد تحت حكم سلطان تركيا، الذي لم يكن لديه اهتمام بالمدارس. ثم جاء الإيطاليون. وعلى عكس البريطانيين، الذي يمكن القول بأنهم كانوا يستعمرون لمصلحة تجارهم الأغنياء، فيمكن القول بأن الإيطاليون كانوا يستعمرون لمصلحة المهاجرين الإيطاليين الفقراء. أقامت إيطاليا ما يكفي من المدارس في ليبيا لاستيعاب أبناء الإيطاليين الذين هاجروا إليها – إلى اليوم مازالت الحكومة الإيطالية تُموِّل كل المدارس الثانوية الإيطالية في طرابلس – ولكن لا شيء تقريباً تم تقديمه للعرب، الذين يُشكِّلون أكثر من 90% من السكان.

غالبية العرب، وقد حُرموا من فرصة ارتياد المدرسة، يعيشون في جهلٍ مُدقِع. معرفتهم قليلة، واهتمامهم أقل، بالاستقلال السياسي وما يعنيه. لم يسمعوا أبداً باسم ترومان أو ستالين. وبالنسبة للعدد القليل من العرب نصف المتعلمين، فهم غير واضحين ولكنهم متفائلون عاطفياً بخصوص قضية الاستقلال. ليست لديهم أي فكرة عن كيف سيُديرون بلادهم، ولكنهم يَدَّعون بأنهم سيتمكنون من ذلك بطريقةٍ أو بأخرى. يتحدثون بفخر عن مستشفياتٍ جديدة، وأنظمة ريٍّ جديدة، وطُرقٍ جديدة، ولكنهم لا يعرفون من أين سيأتي المال لهذه الأمور. وهم يُشيرون إلى أن دولة إسرائيل قد تغلبت على أمراض طفولة الاستقلال في أقل من سنتين، متجاهلين واقع أن إسرائيل كانت لديها وفرة من التقنيين من أبنائها وغيرهم من المواطنين المتعلمين الذين ساهموا في تحديد مستقبلها.

قرار الأمم المتحدة بمنح ليبيا استقلالها قد نتجت عنه عواقبٌ عنيفة في شمال أفريقيا الفرنسي – تونس، الجزائر، والمغرب – حيث كان الفرنسيون يُؤكِّدون للعرب منذ سنينٍ عديدة بأنهم ليسوا مستعدين بعد للاستقلال [9]. التونسيون، والجزائريون، والمغاربة ردوا بحجةٍ معاكسة، وهي صحيحة، بأنهم أكثر تطوراً سياسياً، واقتصادياً، وفكرياً من الليبيين. وفي الواقع، فإن فرنسا لم تنضم إلى جوقة الأمم المتحدة السعيدة لتغني معهم نشيد “الحرية لليبيا”. الفرنسيون يلتزمون بموقفٍ عنيدٍ تجاه هذا الحل أكثر من الإنجليز. إنهم مقتنعون بأنهم سيكونون مسؤولين عن الأمن والنظام في فزان حتى بعد تنازلهم عن سلطتهم فيها.

كخطوة أولية تجاه تأسيس جمعية وطنية مؤقتة، قام مبعوث الأمم المتحدة بتاريخ 25 يوليو 1950 بدعوة 21 عربياً بارزاً لتشكيل لجنة – 7 من كلٍّ من برقة وفزان، و6 من طرابلس، بالإضافة إلى واحد يُمثِّل أقليات البلاد، والتي تتركز غالبيتها في طرابلس –  وهي لجنة لمناقشة تكوين الجمعية الوطنية وآلية اختيار أعضائها [10]. وقد قررت اللجنة أن الجميعة يجدر أن تتكون من عشرين عضواً من كل إقليم من الأقاليم الثلاثة، يتم تعيينهم من قبل أعيان هذه الأقاليم. وبعد تكوين الجميعة شرعت في وضع مسوَّدة الدستور والتخطيط لانتخاباتٍ عامة. في ديسمبر الماضي [1950] أصدرت الجمعية قراراً ينص على أن دولة ليبيا المستقبلية ستكون مملكةً فيدرالية تحت حكم السيد محمد إدريس المهدي السنوسي، أمير برقة، القائد الروحي والسياسي لثلاثة ملايين من رجال القبائل السنوسيين [11]، وأقوى شخصيات البلاد.

ومع ذلك، فإن الواقع يقول أنه بالرغم من أن الحكومة الليبية المؤقتة تأسست إلى حدٍّ ما وفق معاييرٍ فيدرالية، وأنها صرَّحت بتفضيلها لحكومة دائمة ذات نظام فيدرالي، إلا أن التساؤل عما إذا كان يجدر بليبيا أن تكون دولةً فيدرالية أو دولةً وحدوية لم يتم التوصل بعد إلى إجابة نهائية له. القرار بخصوص ذلك يبقى، كما حددت الأمم المتحدة، في أيدي الجمعية التأسيسية الليبية، ولكن الضغوط من خارج الجميعة يجب وضعها في الحسبان. فمن داخل مجلس الأمم المتحدة الخاص بليبيا، الذي تقع مكاتبه في الفندق الكبير في طرابلس، هنالك خلافٌ شديد في الآراء حول هذه المسألة. أعضاء المجلس من مصر وباكستان يُفضِّلون دولةً وحدوية. ويقولون بأن إقامة دولة ليبية فدرالية من شأنه تقسيم البلاد “مثل كعكة” إلى ثلاثة قطع لمصلحة “القوى الاستعمارية الكبرى”، وهم يريدون أن يعرفوا أيضاً لماذا تحصل فزان مع عدد سكانها القليل على نفس درجة تمثيل طرابلس الأكثر سكاناً في الحكومة الليبية. الأعضاء الأمريكيون، والبريطانيون، والفرنسيون يردون بأن فكرة دولةً ليبية وحدوية هي فكرة عقيمة، فهم يعتقدون بأن فزان وبرقة سترفضان الانضمام. ولذلك يُفضِّلون دولةً فيدرالية تُمنح في البداية “استقلالاً جزئياً” وتنتقل تدريجياً نحو الاستقلال الكامل مع اكتساب عدد أكبر من المواطنين لما يكفي من الخبرات لتولي المهام الحكومية. وكما هو متوقع، فالليبيون أنفسهم – أو بالأحرى القلة منهم التي تهتم بمثل هذه الأمور – منقسمون حول اختيار نظام الحكم. برقة وفزان، خوفاً من تدخل الطرابلسيين في شؤونهم الداخلية في حالة اختيار دولة وحدوية، يدعمون هيكليةً فيدرالية، في طرابلس فإن غالبية العرب المهتمين بالسياسة يعارضون فكرة الفيدرالية.

ملك ليبيا المرتقب هو شيخٌ كبير، ومحترم، وحكيم، والذي يبدو أن طموحه الوحيد هو مساعدة شعبه على عبور طريق الاستقلال الوعرة، والأمريكيون والبريطانيون هنا يأملون أن يتمكن من جمع أتباعه حوله وأن يغرس فيهم مبادئ المسؤولية الوطنية. الأمير لديه الكثير من الأتباع الدينيين ولكن لديه أيضاً الكثير من الخصوم السياسيين، والذين ينتقدونه بسبب بقائه في مصر وعدم مشاركته في الحرب الأخيرة، وأيضاً على تأييده لبقاء القوات البريطانية والفرنسية في ليبيا [12]. هذه القوات تتكون اليوم من كتائب الفيلق الأجنبي الفرنسي، في فزان، وفرقة المشاة الأولى البريطانية، في طرابلس وبرقة. علاقات الأمير مع جيرانه المصريين ليست ودية بشكل كبير، وواقع أنه في ستينياته وليس لديه وريث ذكر قد يؤدي إلى غرس بذور النزاع عاجلاً أم آجلاً.

محمود بك المنتصر، الذي تم انتخابه رئيساً للوزراء في الحكومة الليبية المؤقتة من قبل الجمعية التأسيسية شهر مارس الماضي [1951]، هو رجلٌ أعمالٍ لبق ذو تعليمٍ إيطالي، وهو مؤيدٌ للإيطاليين (الأمر الذي يساعده الآن) وأثناء الحرب كان مؤيداً للألمان (الأمر الذي لا يساعده). لا ينتمي لأي حزب سياسي ويقول بأنه لا يعلم شيئاً عن سياسات الأحزاب. حين قابلته في مكتبه، كانت الاستعدادات تجري لإقامة اجتماعٍ وزاري. عاملون يحضرون آنية الماء ويرتبون الكؤوس حولها، وموظفو الديوان يدخلون ويخرجون بحِزمٍ من المستندات. موظفو الديوان كان يبدو عليهم الارتياح أكثر من رئيس الوزراء، الذي كان واضحاً بأنه يدرك جسامة المهمة الموكلة إليه. كان واثقاً من أن حكومات البلاد المستقبلية سوف تضطر لفترةٍ ما – البعض يقولون خمس سنوات – للاعتماد على مساعدة “المستشارين” الغربيين. التوقعات الحالية هي أن نواة الإدارة البريطانية في ليبيا سوف تبقى إلى ما بعد 1 يناير، في الأغلب وفق عقد لمدة خمس سنوات. (أملهم حاليا،ً هو أنه في حين قد يُفضِّل بعض البريطانيين العودة إلى بلادهم بدلاً من البقاء وتلقي الأوامر من ليبيين أعلى رتبةً منهم ولكن أقل خبرةً أو بدون خبرة إطلاقاً في المجال الإداري، فإن غيرهم قد يشعرون بأن هذا التراجع في مكانتهم سيتم تعويضهم عنه بسخاء عبر طبيعة العمل المثيرة للاهتمام، ورفاهية السيارات الرسمية، والبيوت الكبيرة، والخدم، والويسكي الفاخر، في مقابل الركود الكئيب الذي سيلقونه في حالة رجعوا إلى بلادهم). بدلاً من أن يستلم المستشارون البريطانيون مرتباتهم من وزارة المالية البريطانية، فسيستلمونها من وزير المالية الليبي، الذي يحصل على جزء من ميزانيته من وزارة المالية البريطانية. كما أنه من المتوقع ألا توفر الأمم المتحدة الدعم التقني وحسب ولكنها ستوفر أيضاً دعماً مالياً لهذا الطفل الذي تبنته.

طرابلس مدينةٌ جميلة، بمناراتها البيضاء، ومساجدها، وفيلاتها، وشوارعها، وميادينها، وميناء ممتاز كان قد دُمّر في نهاية الحرب ولكن أُعيد بناؤه إلى حدٍّ ما من قبل البريطانيين. تاريخ طرابلس يعود قديماً إلى أيام الفينقيين، الذين سمَّوا المنطقة أوكا. ولاحقاً، النوميديون، والرومان، والفاندالز، والعرب جاؤوا إلى هنا في أوقاتٍ مختلفة. في سنة 1530 وقعت طرابلس تحت حكم فرسان القديس يوحنا لمدة 21 سنة. وعلى مدى القرون القليلة التالية، كانت معقلاً للقراصنة [13]. في ميناء طرابلس، بتاريخ 3 أغسطس 1804، قاد ستيفن ديكتور قوارباً حربية أمريكية في هجومٍ على فرقاطة لقراصنة طرابلسيين، واستولى على سفينتين بعد اشتباكات شديدة بالسلاح الأبيض. أثناء الحرب العالمية الثانية، سيطر مونتغومري على المدينة، والتي أصبحت فيما بعد قاعدة إمدادته الرئيسة.

ولكن حتى في العاصمة طرابلس، فإن مدى جهل الشعب مُفزِع. المدينة يبلغ عدد سكانها مائة وأربعون ألفاً، ولكن أقل من سبعة آلاف منهم يقرؤون جريدةً يومية – أربعة آلاف ونصف يقرؤون الجريدة الإيطالية كوريري دي تريبولي -Corriere di Tripoli وأكثر من ألفين بقليل يقرؤون الجريدة العربية طرابلس الغد. (الجريدتان كلاهما تحت ملكية وإدراة شركة نشر بريطانية، والتي تستخدم أرباحها من الجريدة الإيطالية لتعويض خسائرها من الجريدة العربية). يبدو من شبه المستحيل تعليم الناس العمل لأجل مصلحتهم. منذ الحرب، وبالرغم من التحذيرات الشفهية والمطبوعة المتكررة، إلا أن الكثير من الليبيين لقوا حتفهم أو أصيبوا بعاهات لأنهم يصرون على جمع الذخائر الحية المتناثرة في أرجاء البلاد والتي خلفتها قوات فيلق رومل الأفريقي وجيش مونتغومري الثامن. الليبييون يُشعلون ناراً تحت الذخائر لكي يجعلوها تنفجر، وبعد أن تنفجر، إذا لم يموتوا، فإنهم يقومون ببيع الشظايا في سوق الخردة.

قليلون من العرب يبدو عليهم أنهم يفهمون معنى المسؤولية، أو معنى المجهود التعاوني. ليبيٌّ متعلم أخبرني بأنه لا يمكن أن توجد أبداً مؤسسةٌ صناعية يُديرها عرب، لأن الجميع سيرغبون أن يكونوا مدراءً ولن يقبل أحد حتى بلقب نائب المدير. العرب لا يهتمون كثيراً بالنمو الاقتصادي – نمو ليبيا أو نموهم الشخصي. وبصفة عامة فإنهم غير مهتمين بواقع أنهم إذا عملوا لساعاتٍ أطول، فسيكسبون مالاً أكثر وبالتالي يرفعون من مستوى معيشتهم. المتجر العادي يبقى مفتوحاً ما يكفي من الزمن ليكسب صاحب المتجر قدراً يعتبره كافياً للعيش. ثم يغلق متجره، ويذهب ليجلس تحت شجرة ويرتشف كأساً من الشاي. إذا اقترحت عليه أن يُبقي متجره مفتوحاً لمدةٍ أطول، فسيقول لك: “الله لا يريدني أن أعمل كثيراً…”. وكما يبدو، فإن الله لا يريد من المزارعين الليبيين أن يُحسِّنوا نسل خرافهم أيضاً، مع أنهم يستطيعون أن يكسبوا أكثر لو فعلوا ذلك [14]. كل هذا – من وجهة نظر واحدة، على الأقل – يجعل حياة العربي في ليبيا حياةً خاملة.

هنالك فقط خمسةٌ وأربعون ألف إيطالي في ليبيا (كلهم، أو جلهم موجودن في طرابلس)، الذي يعني بالطبع أنهم أقلية، ولكنهم يديرون غالبية المزارع الجيدة في البلاد، بالإضافة إلى الكثير من تجارتها. أغلب هؤلاء الإيطاليين موجودون هنا منذ العشرينيات، وبالرغم من كل التغييرات منذ الحرب إلا أنهم لم يعتادوا بعد على واقع أنهم لم يعودوا يسيطرون على البلاد. فهم يتصرفون كما لو أنهم مازالوا كذلك. التحية الفاشية مازالت متداولة بأريحية، ربما من دافع العادة وليس من دافع القناعة. في المدارس الإيطالية مازال الأطفال يجدون أمامهم خرائط الإمبراطورية الإيطالية وفي وسطها “بحرنا” [15]، وفي وسط المدينة تستطيع أن تجد لوحةً تذكارية عليها نقش: “إلى بينيتو موسوليني، مُصلح ليبيا، مع إخلاص وولاء شعبه”. وفي حلبة سباق السيارات التي كانت شهيرةً في أحد الأيام في طرابلس، ثلاث حزم عِصي ونقش ANNO XII ماتزال تُزِّين شرفة الدوتشي الخاصة سابقاً [16]. المسافة قصيرة مشياً على الأقدام من حلبة السباق إلى الفيلا الفارهة التي كان موسوليني قد خصصها لكلارا بيتاشي [17]. الفيلا الآن يمتلكها صانع خمور، وهو لاجئ من وسط أوروبا. وقد كان الأمير تعهد بأنه بعد الاستقلال سوف تُحمى حقوق الإيطاليين في ليبيا (وكل الأقليات الأخرى)، ولكن مصير وضعهم السياسي ما يزال غير واضح.

قرابة ألفين وخمسمائة أمريكي يعيشون في ليبيا اليوم – مهندسون وعمال بناء، وأفراد قوات جوية، وموظفو وزارة الخارجية، وبعض رجال الأعمال. هذا الرقم لا يُوضح حقيقة الاهتمام الأمريكي بهذه الرقعة من العالم. الحرب العالمية الثانية أبرزت بشكلٍ كبير الأهمية الاستراتيجية لشمال أفريقيا في الدفاع عن غرب وجنوب أوروبا. ليبيا، وهي منطقة تثير مشاكل للأمم المتحدة، تقع في منتصف الطريق بين المغرب، منطقة مشاكل فرنسية، ومصر، منطقة مشاكل بريطانية. وبالتالي قد لا يكون من سبيل المصادفة أن قاعدة ويلوس الجوية [18] قرب طرابلس، والتي أعلن الجيش الأمريكي في شهر مايو سنة 1947 بأنها تعتبر فائضاً ولا حاجة لها، قد تمت إعادة تفعيلها من قبل الأمريكيين في بداية سنة 1948. طوال النهار والليل، طائراتٌ شحنٍ كبير تحت قيادة خدمات الجيش للنقل الجوي تأتي مِن، وتُقلِع إلى الولايات المتحدة، وألمانيا، واليونان، والسعودية. قاعدة ويلوس استأجرتها حكومة الولايات المتحدة – جزء استأجرته من الحكومة الليبية، والباقي من مُلاّك منفردين – مقابل مبلغ، بالرغم من عدم الإفصاح عنه، إلا أنه معروفٌ أنه متواضع. مما لا شك فيه أنه بعد أن تنال ليبيا استقلالها فسوف يُكلِّفنا إيجار القاعدة أكثر من المبلغ الحالي بكثير، ولكن الأشخاص المتخصصين يشعرون بأن ذلك يستحق كل ما يمكننا دفعه. ليبيا أصبحت من تلك الأماكن الغربية والبعيدة، والتي قد يضطر الأمريكيون للبقاء فيها لفترة طويلة جداً، سواءً أعجبهم ذلك أم لا.

جوزيف ويشبيرغ**
10 نوفمبر 1951.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترجمة، تعليق، ووضع هوامش
إبراهيم سليمان الشريف، بمساعدة كلٍّ مِن مهند المنقوش وسليمان الدرسي، لهما كل الشكر والتقدير.
* رابط المقالة الأصلية، باللغة الإنجليزية، على موقع مجلة النيويوركر:

Letter from Libya, By: Joseph Wechsberg

مجلة النيويوركر The New Yorker مجلة أمريكية أسبوعية، سياسية، ثقافية، أدبية، فنية أُسست سنة 1925 في مدينة نيويورك، وتعتبر من أبرز المنشورات الثقافية في الولايات المتحدة.
** جوزيف ويشبيرغ (1907-1983) كاتب وصحفي وموسيقي تشيكي الأصل. مارس العمل القانوني والدبلوماسي، كما خاض غمار الحرب العالمية الثانية، لفترة مع الجيش التشيكي، ثم مع الجيش الأمريكي. بدأ الكتابة الصحفية مبكراً، فكان يكتب وينشر في عدة جرائد تشيكية قبل هجرته للولايات المتحدة. في الولايات المتحدة علَّم نفسه اللغة الإنجليزية، وبدأ مسيرته الصحفية هناك بنشر مقالات عن تجاربه في الحرب العالمية الثانية في مجلة النيويوركر. نشر جوزيف ويشبرغ مئات المقالات في العديد من المجلات الأمريكية الشهيرة، كما أن له العديد من الكتب في مواضيع متفرقة كالسفر والطعام والموسيقا، ولديه أيضاً بعض الأعمال القصصية. توفي عن عمر 75 سنة في بيته في فيننا بالنمسا سنة 1983.

اقرأ عن جوزيف ويشبيرغ:

Joseph Wechsberg – Biography

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هوامش:
[1] – معاهدة فرساي (1919): معاهدة سلام أُبرمت نهاية الحرب العالمية الأولى، وانتهت بموجبها الحرب بين ألمانيا وقوات الحلفاء. وهي شهيرة بما أثارته من جدل حول مطالبة الحلفاء لألمانيا بدفع تعويضات ضخمة (ما يقارب 442 مليار دولار حسب قيمة العملة اليوم). مؤتمر يالطا (فبراير 1945): مؤتمر التقى فيه قادة الدول الثلاث الكبرى من قوات الحلفاء: فرانكلين روزفلت من الولايات المتحدة، وونستون تشرتشل من بريطانيا، وجوزيف ستالين من الاتحاد السوفييتي. وقد تمت في هذا المؤتمر مناقشة عدة قضايا مثل ضرورة استسلام ألمانيا النازية غير المشروط، والوصاية عليها ونزع سلاحها، والتعويضات، والحرب ضد اليابان. بالإضافة إلى مناقشة إعادة هيكلة الدول الأوروبية بعد الحرب، الأمر الذي أثار كثيراً من الجدل. مؤتمر بوتسدام (أغسطس 1945): مؤتمر التقى فيه قادة الدول الثلاث الكبرى، هاري ترومان من الولايات المتحدة، وجوزيف ستالين من الاتحاد السوفييتي، وونستون تشرشل، ولاحقاً كليمينت أتلي، من بريطانيا. وقد دار النقاش في هذا المؤتمر حول العقوبات التي ستُفرض على ألمانيا النازية، بالإضافة إلى بضعة قضايا أخرى كإقرار النظام بعد الحرب، وإبرام اتفاقيات سلام، وإعادة البناء.

[2] – أغلب الظن أن الكاتب يُشير هنا إلى إيريك آ. ف. دي كاندول، والذي كان يشغل منصب المفوَّض المعتمد لبريطانيا في برقة من عام 1949 إلى عام 1952، والذي ربطته بالملك إدريس صداقة حميمة. (راجع: الملك إدريس عاهل ليبيا: حياته وعصره. ئي. آ. ف. دي كاندول. ترجمة محمد عبده بن غلبون. 1989.).
[3] – مجلس وزراء الدول الأربع الكبرى، وهي أمريكا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفييتي، كان قد اجتمع عام 1947 وقرر تشكيل لجنة رباعية للنظر في وضع المستعمرات الإيطالية. وقد زارت اللجنة ليبيا لمدة 75 يوماً (40 يوماً في طرابلس، 25 يوماً في برقة، و10 أيام في فزان). وقد استقت اللجنة معلوماتها بالأساس من الإدارات العسكرية الأجنبية في البلاد، ولذلك يقول البعض بأن معلومات اللجنة لم تكن كاملة أو صحيحة في كثير من الأحيان، وحتى اللجنة نفسها انتقدت بعض المعلومات التي قدمتها لها الإدارات العسكرية. (جهاد الليبيين في ديار الهجرة من عام 1343ه – 1924م إلى عام 1372ه – 1952م. الطاهر أحمد الزاوي. دار الفرجاني. طرابلس، ليبيا. ط1. 1976. ص 193-194.) وبالإضافة إلى عدم دقة معلومات اللجنة، يرجع البعض سبب عدم اتفاق اللجنة الرباعية ولجوءها أخيراً إلى إحالة قضية المستعمرات الإيطالية السابقة إلى الأمم المتحدة، يرجع البعض سبب ذلك إلى سعي كل طرف وراء مصلحته الشخصية، حيث كان هنالك صراع بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة حول رغبة السوفييت في الوصاية على طرابلس، كما أن بريطانيا وفرنسا لم تكونا تريدان التخلي عن سلطاتهما في برقة وفزان، وإيطاليا أيضاً كانت تعرقل عمل اللجنة بإصرارها على الاحتفاظ بالوصاية على طرابلس. (ذكريات حياتي. وهبي البوري. بنغازي، ليبيا. ط1. 2013. ص76.)
[4] – إرنست بيفن وزير خارجية بريطانيا، وكارلو سفورزا وزير خارجية إيطاليا، اقترحا وضع ليبيا تحت وصاية بريطانيا في برقة، وإيطاليا في طرابلس، وفرنسا في فزان، على أن تصبح ليبيا دولةً مستقلة بعد عشر سنوات. وقد تم التصويت على المقترح في الأمم المتحدة، لكنه لم ينل أغلبية الثلثين اللازمة لإقرار المشروع، حيث كان ينقصهم صوتٌ واحد، وهو صوت السيد أميل سان لو مندوب هايتي في الأمم المتحدة الذي صوَّت ضد المشروع بشكلٍ غير متوقع. وعند إعادة التصويت على المشروع، تم التصويت ضده بالأغلبية. (الملك إدريس عاهل ليبيا: حياته وعصره. ئي. آ. ف. دي كاندول. مرجع سابق. ص 94-96.)
[5] – لم تكن هنالك إدارة انتقالية وطنية بمعنى الكلمة، حيث تمتعت برقة وحدها بإدارة ذاتية عام 1949، أما طرابلس فقد سمحت الإدارة العسكرية البريطانية بتكوين المجالس البلدية، وفي فزان سمحت الإدارة العسكرية الفرنسية لمجلس تمثيلي بانتخاب رئيس لفزان، ولكن ظلت مسألة الحكم الذاتي مُقيدة في المنطقتين بالرغم من مساعي البعض، من بينهم الأمير إدريس، نحو إقامة إدارة ذاتية في كل من المناطق الثلاث. وقد أخذت الجمعية الوطنية التأسيسية على عاتقها مهمة إنشاء حكومتين محليتين في كلٍّ من طرابلس وفزان عام 1951، مطالبةً بريطانيا وفرنسا بأن تسمحا لهما بمزاولة عملهما باعتبار أن هذه خطوة أولى باتجاه تشكيل حكومة اتحادية مؤقتة. ووفق قرار صادر من الجمعية الوطنية التأسيسية، بتاريخ 29 مارس 1951، تم تشكيل الحكومة الاتحادية المؤقتة، والتي تكونت من السادة: محمود المنتصر رئيساً للوزراء ووزيراً للعدل ووزيراً للتربية، علي أسعد الجربي وزيراً للخارجية ووزيراً للصحة، عمر شنيب وزيراً للدفاع، منصور قدارة وزيراً للمالية، إبراهيم بن شعبان وزيراً للمواصلات، محمد بن عثمان وزيراً للدولة. (ليبيا الحديثة: دراسة في تطورها السياسي. د. مجيد خدوري. ترجمة د.نقولا زيادة، مراجعة د.ناصرالدين الأسد. دار الثقافة. بيروت. رقم الطبعة. 1966. ص186-189.)
[6] – مجلس الأمم المتحدة بخصوص ليبيا، ويعرف أيضاً بالمجلس الاستشاري، أو (مجلس العشرة) لأنه ضم عشرة أعضاء وهم: الأستاذ كامل سليم من مصر، الأستاذ عبدالرحمن خان من باكستان، السير هيو ستونهيور بيرد من بريطانيا، المسيو جورج ج. بالاي من فرنسا، البارون جيوستي كونغالونييري من إيطاليا، المستر لولس كلارك من الولايات المتحدة، السيد علي أسعد الجربي من برقة، السيد مصطفى ميزران من طرابلس، السيد أحمد بن الحاج السنوسي صوفو من فزان، والسيد جياكومو ماركينو (إيطالي) عن الأقليات. (جهاد الليبيين في ديار الهجرة. الطاهر أحمد الزاوي. مرجع سابق. ص 256.) الأقليات هنا لا يُقصد بها الأقليات الثقافية الليبية، كالأمازيغ والطوارق والتبو، وإنما يُقصد بها الأقليات الأجنبية التي كانت مقيمةً في ليبيا، والتي كانت لديها مصالح اقتصادية ومالية بالدرجة الأولى، وهي تشمل الأقليات الإيطالية بالأخص، وأيضاً الأقليات المالطية واليونانية واليهودية، كما أوضح مندوب الأمم المتحدة إدريان بيلت في أحد تقاريره. (راجع: جهاد الليبيين في ديار الهجرة. الطاهر أحمد الزاوي. مرجع سابق. ص396-370.)

[7] – الصومال تم تقسيمها إلى منطقتين، وُضعت إحداهما تحت الوصاية البريطانية (الشمال الغربي)، وبقيت الثانية تحت الوصاية الإيطالية (الشمال الشرقي، والوسط، والجنوب). واستمرت هذه الوصاية لمدة 15 عاماً. وفي عام 1960 تحصلت الصومال البريطانية على استقلالها، وبعدها بأيامٍ قليلة تحصلت الصومال الإيطالية أيضاً على استقلالها، وتوحدت المنطقتان لتكوين جمهورية وفق ضوابط حددتها بريطانيا وإيطاليا. وقد سقطت الجمهورية بانقلاب عام 1969، وتأسست جمهورية الصومال الديمقراطية التي سقطت هي الأخرى عام 1991 بنشوب الحرب الأهلية الصومالية، ولم تستقر الصومال منذ ذلك الحين. إيرتريا بقيت تحت وصاية البريطانيين بعد أن دحروا منها الإيطاليين في الحرب العالمية عام 1941، واستمرت هذه الوصاية لمدة 10 سنوات وفق قرار من الأمم المتحدة. في عام 1951 انتهت الوصاية وانضمت إيرتريا إلى اتحاد فيدرالي مع أثيوبيا، أيضاً وفق قرار من الأمم المتحدة. وحين حاولت أثيوبيا ضم إيرتريا إليها وجعلها إحدى محافظاتها عام 1962، ثارت مشاكلٌ داخلية بين الطرفين، وبدأت حرب استمرت لمدة 30 عاماً تقريباً، إلى أن نالت إيرتريا استقلالها والاعتراف الدولي بها عام 1993.
[8] – عشب إسبارتو أو الحلفاء، نبات ينمو في شمال أفريقيا (بالتحديد المغرب العربي) وجنوب أوروبا (بالتحديد إسبانيا والبرتغال). يستخدم في عدة صناعات، مثل صناعة الحبال والسلال والحصائر، كما يستخدم أيضاً لصناعة ورق طباعة عالي الجودة.
[9] – نالت هذه الدول الثلاث استقلالها من فرنسا بعد انتفاضات ومفاوضات عديدة في تونس عام 1956، والمغرب عام 1957، والجزائر بعد حرب التحرير عام 1962.
[10] – المجلس الاستشاري المكون بخصوص ليبيا، والمعروف أيضاً بمجلس العشرة، اتخذ قراراً بناءً على اقتراح من مندوب باكستان بتشكيل لجنة تحضيرية لتشكيل الجميعة الوطنية التأسيسية، ونص قراراهم على أن يُعين الأمير إدريس سبعة ممثلين لبرقة، وأن يختار زعماء الأحزاب السياسية في طرابلس سبعة ممثلين لطرابلس (من بينهم ممثل للأقليات)، وأن يقوم رئيس فزان، السيد أحمد سيف النصر، بتعيين سبعة ممثلين لفزان. لتتكون اللجنة التحضيرية من 21 عضواً هم: من برقة: عمر شنيب، خليل القلال، الحاج رشيد الكيخيا، الحاج عبدالكافي السمين، محمد أبوهدمة، أحمد عقيلة الكزة. من طرابلس: الشيخ محمد أبو الأسعاد العالم (مفتي ليبيا)، الشيخ أبو الربيع الباروني، الكوماندتور ماركينو، سالم المريض، الأستاذ علي رجب، أحمد عون سوف، عبدالعزيز الزقلعي. من فزان: الحاج الطاهر الجراري، المهدي هيبة، أبوالقاسم أبوقيلة، الحاج علي بديوي، أحمد الطبولي، على المقطوف، محمد عثمان الصيد. وقررت اللجنة في البداية أن يترأس اجتماعاتها أكبر الأعضاء سناً، فاختير الشيخ محمد أبو الأسعاد العالم، وأن يكون السكرتير أصغر الأعضاء سنا،ً فاختير محمد عثمان الصيد، وتم اختيار السيد علي القلال مقرراً للجلسة. (محطات من تاريخ ليبيا: مذكرات محمد عثمان الصيد رئيس الحكومة الليبية الأسبق. ط1. 1996. ص56-57.)
[11] – رقم ثلاثة ملايين لا يبدو صحيحاً، وربما الكاتب اختلطت عليه مكانة الملك إدريس السنوسي في ليبيا وعلاقة العائلة السنوسية ببعض القبائل الليبية، وأيضاً مكانة الملك إدريس السنوسي في العالم الإسلامي بصفته رئيس الحركة السنوسية التي لها الكثير من الفروع والأتباع.
[12] – يقول البعض بأن مغادرة الملك إدريس كانت بسبب فشل كل المفاوضات الدبلوماسية مع الإيطاليين، وأن الكثير من أتباع الحركة السنوسية وقادة المجاهدين كانوا يؤيدون قراره بالرحيل، نظراً لأن دوره القيادي كان سياسياً ودبلوماسياً أكثر من كونه قتالياً، ووجوده في ليبيا يُعرضه لخطر الاعتقال أو الاغتيال من قبل الإيطاليين. وبالرغم من أن الحكومة المصرية كانت قد فرضت على الأمير إدريس عدم ممارسة أي أعمال مناهضة للاحتلال الإيطالي، إلا أن دعمه للمجاهدين وموقفه منهم كان واضحاً، وحتى عمر المختار نفسه رحمه الله كان قد رافق الأمير إلى مصر في البداية، ثم عاد إلى ليبيا. ويشير البعض إلى أن عمر المختار رفض مقابلة بعض خصوم ومعارضي الأمير في مصر، الأمر الذي قد يُلمِّح إلى وجود تفاهم ومخطط بين الأمير وبين عمر المختار والمجاهدين، وبأنه لا يوجد خلاف بينهما كما قد يقول البعض. (الملك إدريس عاهل ليبيا: حياته وعصره. ئي. آ. ف. دي كاندول. مرجع سابق. ص43-44.) كان الملك إدريس معارضاً للنفوذ الأجنبي والوصاية الأجنبية كغيره من الليبيين، ويبدو من الغريب ذكر أنه كان يؤيد بقاء القوات البريطانية والفرنسية في بداية استقلال ليبيا، زمن كتابة هذه المقالة، فحتى وإن كانت تربطه ببريطانيا علاقة جيدة، فإن علاقته بالفرنسيين لم تكن جيدة على الإطلاق، وكان قد رفض شروطهم التي وضعوها لدعم الاستقلال، وهي بعدم مساعدة دول الشمال الأفريقي الأخرى لنيل استقلالها (تونس، الجزائر، المغرب). ويُذكر أن فرنسا لم توافق على الخروج من فزان وتأييد استقلال ليبيا إلا بسبب ضغوطات من الولايات المتحدة. أما موقف الملك الواضح من حيث تأييد بقاء القوات الأجنبية، فقد جاء في زمنٍ متأخر، وسط ونهاية الستينيات، حين كان مهتماً أساساً بوضع ليبيا المالي واعتمادها على عائدات إيجار القواعد الأجنبية. (راجع: ذكريات حياتي. وهبي البوري. مرجع سابق. ص79-80، ص 328-330.)
[13] – لطالما وصف المستشرقون والمؤرخون الغربيون تصرفات البحرية الليبية أيام الحكم القرمانلي بأنها (قرصنة)، متجاهل

الخامس والعشرين من نوفمبر في الذاكرة ..

 

ماذا حدث يوم (25 نوفمبر 1950 ) …
عقدت أول جلسة للجنة الستين (الجمعية الوطنية التأسيسية) لصياغة الدستور بحضور (20) نائباً عن كل إقليم (طرابلس – برقة – فزان) وعقدت اللجنة (43) جلسة كانت آخرها بتاريخ (6 نوفمبر 1951 م) .
أسماء أعضاء لجنة الستين (لجنة صياغة دستور 1951 م):
1 – السيد عمر فائق شنيب
2 – السيد محمد السيفاط بوفروة
3 ـ السيد عبدالحميد دلاف
4 – السيد رافع بوغيطاس
5 – السيد احميدة المحجوب
6 ـ السيد سالم الأطرش
7ـ السيد خليل القلال
8ـ السيد الطايع البيجو
9ـ السيد أحمد عقيلة الكزة
10 ـ السيد محمود بوهدمة
11ـ الحاج عبد الكافي السمين
12 ـ السيد سليمان الجربي
13 ـ السيد محمد بو رحيم
14 ـ السيد عبد الجواد الفريطيس
15 ـ السيد المبروك الجيباني
16ـ السيد الكيلاني لطيوش
17 ـ السيد طاهر العسبلي
18ـ السيد عبد الله بن عبد الجليل سويكر
19ـ السيد حسين جربوع
20ـ السيد أبوبكر بو ذان
21ـ السيد أحمد عون سوف
22ـ السيد عبد العزيز الزقلعي
23ـ السيد منير برشان
24ـ السيد علي تامر
25 ـ السيد أحمد السري
26ـ السيد مختار المنتصر
27 ـ السيد سالم المريض
28ـ السيد محمد المنصوري
29ـ السيد محمد الهنقاري
30ـ الشيخ محمد أبوالأسعد العالم
31ـ السيد علي الكالوش
32 ـ السيد عبدالمجيد كعبار
33 ـ السيد عبدالله بن معتوق
34ـ السيد محمد الهمالي
35ـ السيد إبراهيم بن شعبان
36ـ السيد يحيى مسعود بن عيسى
37ـ السيد أبوبكر بونعامة
38ـ السيد محمود المنتصر
39 ـ السيد الطاهر القرمانلي
40 ـ السيد علي بن سليم
41ـ السيد السنوسي حمادي
42 ـ السيد علي بديوي
43ـ السيد الفيتوري بن محمد
44 ـ السيد الشريف علي بن محمد
45ـ السيد طاهر القذافي بريدح
46 ـ السيد منصور بن محمد
47 ـ السيد المبروك بن علي
48 ـ السيد طاهر بن محمد
49ـ السيد محمد بن عثمان الصيد
50ـ السيد محمد الأمير
51ـ السيد علي عبدالله القطروني
52ـ السيد أبو القاسم بو قيلة
53ـ السيد أحمد الطبولي
54ـ السيد علي السعداوي
55ـ السيد أبوبكر بن أحمد
56ـ السيد سعد
57ـ السيد الأزهري بن علي
58ـ السيد عبدالهادي بن رمضان
59ـ السيد علي المقطوف
60 ـ السيد محمد البقلول العكرمي
999325_609277965778935_955395991_n
1453495_678439172196147_1638033075_n